القمامة في صنعاء تغيز ملامح العاصمة
خبان برس| تقارير
رغم الأموال الضخمة التي يقوم الحوثيون في صنعاء بجبايتها إلى جانب ما يحصلون
عليه من دعم دولي من قبل المنظمات الإنسانية والوكالات الأممية وعلى رأسها منظمة
الصحة العالمية واليونيسيف، فإن العاصمة صنعاء الخاضعة للمليشيا تكاد تغرق في القمامة
ومياه الصرف الصحي، بحسب ما أفاد سكانها وتناقلوه عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويخشى سكان العاصمة الذين يتجاوز عددهم نحو ثلاثة ملايين نسمة من أن يؤدي تدهور
أوضاع النظافة إلى توفير بيئة خصبة لتفشي الأوبئة المختلفة، خصوصاً في ظل المخاوف من
فيروس "كورونا"، ويشهد عدد من شوارع وحارات وأزقة العاصمة في الوقت الحالي
تكدساً ضخما للقمامة، في ظل استمرار التجاهل المتعمد من قبل الميليشيات للكارثة، وعدم
تحركها لاحتوائها.
وقال عدد من السكان في أحياء مذبح وشملان والحصبة وباب اليمن والتحرير والقاع
وهائل والرقاص والسنينة في صنعاء لـ"الشرق الأوسط"، إن أكوام النفايات باتت
تطمر عدداً من الشوارع الرئيسية والأحياء السكنية، وانتشرت الروائح الكريهة، في ظل
عجز واضح من سلطات الميليشيات وإهمال متعمد، زاد من عملية التكدس على نطاق واسع.
وتحدث الأهالي عن عدم معرفتهم للأسباب الحقيقية التي تقف وراء عودة تكدس أكياس
القمامة في حاراتهم وشوارع مدينتهم، خصوصاً في ظل المخاوف والظرف الحرج الذي يمر به
اليمن وبقية دول العالم والمنطقة، ورجح بعضهم أن يكون السبب توقف عمال النظافة عن العمل،
إما لأسباب تتعلق بمستحقاتهم المالية أو لدواعٍ أخرى.
وطالب سكان في صنعاء المليشيا الحوثية المسيطرة على العاصمة صنعاء بعدم التغاضي
واللامبالاة وتحمل مسؤولياتها من باب الحرص على صحة وحياة اليمنيين في ظل تفشي أوبئة
وفيروسات قاتلة، والإسراع برفع القمامة من أمام منازلهم ومن الشوارع المحيطة بها.
وأكد شهود عيان في صنعاء لـ"الشرق الأوسط" وجود انتشار كثيف للقمامة
في شوارع المدينة وأزقتها، في ظل اختفاء مفاجئ لعمال النظافة، ووسط مخاوف من تفشي وباء
كورونا الذي يضرب حالياً عدداً من دول العالم، وأوضحوا أن روائح مياه الصرف الصحي تملأ
الكثير من الأحياء والشوارع نتيجة طفح المجاري فيها، التي تعاني أيضاً، من تراكم النفايات،
ما جعلها مكاناً خصباً للفيروسات والأوبئة.
وقال أحد مسؤولي الأحياء (عاقل حارة) في صنعاء طلب عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق
بسلامته لـ"الشرق الأوسط": "إن جماعة الحوثي لا تزال تتعمد تجاهل هذه
المشكلة البيئية الخطرة ولم تقم باتخاذ أي إجراءات تجاهها".
وأضاف: "أن الميليشيات تواصل بوتيرة عالية استثمار جائحة كورونا كسابقاتها
من الأوبئة والأمراض السابقة التي اجتاحت مناطق يمنية عدة منذ بدء الانقلاب، كالكوليرا
والدفتيريا وإنفلونزا الخنازير وغيرها، مستغلة في ذلك معاناة اليمنيين والتخوف من انتشار
الوباء لابتزاز المنظمات الدولية ونهب المساعدات".
ويرى أحد سكان حي باب اليمن أن: "الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران،
لا يهمها حالياً وضع المواطن وصحته ومعاناته، بقدر ما يهمها الإمعان في استهداف اليمنيين
بمختلف الطرق والوسائل وانشغالها بنهب إيرادات الدولة والمجالس المحلية، وزيادة حجم
الجبايات والإتاوات تحت ذرائع ومسميات غير قانونية".
وتؤكد تقارير أن سكان صنعاء يعانون منذ سيطرة بدء انقلاب الحوثيين منذ
سبتمبر 2014م، من غياب تام للخدمات الأساسية بعد مصادرتها من قبل الميليشيات وخصخصة
مؤسسات حكومية، وتحويل إيراداتها لصالح ما يسمى بـ(المجهود الحربي) وتحقيق ثراء فاحش
لمشرفيها وقادتها.
وبحسب التقارير، تشكو منظمات محلية ومبادرات طوعية من عراقيل وصعوبات كبيرة
من قبل ميليشيات الحوثي تواجه أنشطتها في مجال النظافة والتعقيم وكلورة المياه، بالتزامن
مع رفض الجماعة منحها التصاريح اللازمة لتنفيذ المشاريع للوقاية من الأوبئة والحد من
تفشيها.
![]() |
| احد فرق كلورة المياه التابعة لوحدة طوارئ مباه الريف |
من جانب أخر صرح أحد مهندسي الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف لـ"خبان
برس" من تهميش رئيس الهيئة م. شهاب
ناصر والمدير المالي بالوحدة لكافة المهام المناطة بالهيئة، وأكد بأن الهيئة بدأت
بالتدهور منذ اعفاء م. طلال القدسي من مهام رئيس وحدة الطوارئ بالهيئة بعد رفضه
منح وزير المياه والبيئة م.نبيل عبدالله الوزير وأحلام المتوكل المتنفذة في قطاع
المياه والاصحاح البيئي بمنظمة اليونيسيف نسبة من إيرادات الوحدة من التمويلات
المانحين وتعيين عبدالفتاح الهادي الذي كان يعمل كاشف للعددات بفرع المؤسسة
المحلية للمياه والصرف الصحي بمحافظة صعده، والذي لم يستمر طويلا.
وعلى وقع غرق صنعاء بمخلفات القمامة وطفح المجاري وانعدام الخدمات الأساسية،
أطلقت منظمات دولية ومحلية تحذيراتها من خطورة وصول وباء كورونا إلى اليمن، خصوصا المناطق
الخاضعة لقبضة الميليشيات.
وكان دبلوماسي بريطاني أكد أن فيروس كورونا "كوفيد-19" لا يزال يمثل
خطراً يهدد اليمن، داعياً الأطراف إلى التعاون من أجل التوصل لحل سياسي، وطالب وزير
شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية "جيمس كليفرلي" مليشيا الحوثيين
بالامتثال لمتطلبات عمل هيئة الأمم المتحدة، والمنظمات الطوعية والإنسانية لإتاحة وصول
المساعدات للمحتاجين في اليمن، لا سيما أن خطر الفيروس ما زال يهدد اليمنيين.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، حذر المجلس النرويجي للاجئين من أن ملايين اليمنيين
عرضة للإصابة بفيروس كورونا في حال تفشيه في ظل نظام صحي وصفوه بـ(المتهالك)، وقال
المجلس في أحدث بياناته إنه: "رغم عدم وجود أي حالات مؤكدة لفيروس كورونا في اليمن
حتى الآن، إلا أن المجلس النرويجي قلق للغاية من احتمالية تفشي الفيروس الذي يمكن أن
تكون له عواقب كارثية على العائلات النازحة".
من جهتها، أكدت الأمم المتحدة إن: "توفير مياه نظيفة في اليمن بات ضرورة
للوقاية من فيروس كورونا والأوبئة الأخرى"، وفي تغريدة نشرتها، عبر حسابها على
تويتر، أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن أكثر من ثلثي سكان اليمن يحتاج
إلى دعم في خدمات المياه، وشددت على ضرورة توفير مياه نظيفة وآمنة لمنع انتشار أمراض
مثل الكوليرا وفيروس كورونا". وأضافت بإن "النازحين في مواقع الاستضافة يقضون
يومياً ساعات في جمع المياه".
من جانبها قالت منظمة "أوكسفام الدولية": "إن فيروس كورونا يقرع
أبواب اليمن، في الوقت الذي تعاني البلاد من أزمة كبيرة في المياه النظيفة"، وأضافت:
"أنه مع عدم المقدرة على الحصول على الصابون والمياه النظيفة، يُعد غسل اليدين
في اليمن نوعاً من أنواع الرفاهية".
![]() |
| ألطف موساني ممثل الصحة العالمية في اليمن |
هذا وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق على لسان ممثل الصحة العالمية
في اليمن ألطف موساني في أحدث الإحاطات المعلوماتية التي تقدمها منظمة الصحة العالمية
حول كورونا اليمن أن "
منظمة الصحة
العالمية سجلت خلال الأيام الماضية، (84) إصابة بوباء كوليرا، وأجرت (7) آلاف فحص
في مختلف المناطق اليمنية، خوفا من إعادة تفشي وباء كوليرا مع بداية موسم الأمطار
في اليمن".
الجدير
بالذكر أن مليشيا الحوثيين في اليمن مستمرة في المتاجرة بأرواح اليمنيين، والدفع
بهم إلى معاركهم التي شنتها منذ استيلائها على العاصمة صنعاء ضد قوى استعادة الجمهورية،
وتحرص على جلب المزيد من الجبايات لتغذية وتمويل جبهات الاقتتال في اليمن.




ليست هناك تعليقات: